ج ٦، ص : ٨٢
الإيضاح
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) المسيحيون فى هذا العصر فرق ثلاث : الكاثوليك والأرثوذ كس والبروتستانت (أي إصلاح النصرانية) وهذا المذهب الأخير حدث من نحو أربعة قرون وصار هو المذهب السائد فى أعظم الأمم مدنية وارتقاء كالولايات المتحدة وانجلترا وألمانيا، وقد أزال هذا المذهب كثيرا من التقاليد والخرافات النصرانية التي كانت قبله واستبدل بها تقاليد أخرى، ومع كل هذا فهؤلاء المصلحون لم يستطيعوا أن يرجعوا المسيحية إلى التوحيد الصحيح الذي هو دين المسيح ودين سائر الأنبياء، فلا يزالون يقولون بالتثليث ويعدون الموحّد غير مسيحى كما تقول بذلك الفرقتان الكبيرتان الأخريان.
وجميع فرق النصارى فى هذا العصر تقول : إن اللّه هو المسيح بن مريم وإن المسيح ابن مريم هو اللّه، ولكن النصارى القدماء لم يكونوا متفقين على هذه العقيدة إذ كان بعضهم يفسر الآب والابن وروح القدس بأنها الوجود والعلم والحياة والقول بها لا ينافى توحيد الخالق كما أنه يوجد الآن فى نصارى أوربا وغيرهم موحدون يعتقدون أن المسيح نبى ورسول لا إله.
قال الدكتور بوست البروتستانتى فى تاريخ الكتاب المقدس (طبيعة اللّه عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر : اللّه الآب، واللّه الابن، واللّه الروح القدس، فإلى الآب ينتمي الخلق بواسطة الابن وإلى الابن الفدى، وإلى الروح المقدس التطهير.
غير أن هذه الثلاثة الأقانيم تتقاسم جميع الأعمال على السواء).
والعمدة عندهم فى هذه العقيدة عبارة جاءت فى إنجيل يوحنا وهى (فى البدء كانت الكلمة، والكلمة كان عند اللّه، واللّه هو الكلمة) وقد فسروا الكلمة بالمسيح فيصير معنى الفقرة الثالثة من إنجيل يوحنا (واللّه هو المسيح بن مريم) وهذا عين ما أسنده القرآن إليهم.