ج ٧، ص : ١٠٦
عاطفة رحمة ولا رأفة، ولو كانوا يؤمنون باللّه واليوم الآخر وما فيه من الحساب والجزاء لما انتهوا فى الطغيان إلى هذا الحد الذي نراه الآن.
(حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) أي كذبوا إلى أن جاءتهم الساعة مباغتة مفاجئة « يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ » وقد ورد فى الكتاب والسنة أن اللّه تعالى أخفى علمها على كل أحد حتى الرسل والملائكة.
(قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) أي قد خسر الذين كذبوا بلقاء اللّه وأصرّوا على هذا التكذيب حتى إذا جاءتهم منيّتهم وهى بالنسبة إليهم مبدأ الساعة ومقدمات القيامة، مفاجئة لهم من حيث لم يكونوا ينظرونها ولا يعدّون العدّة لمجيئها، قالوا يا حسرتنا على تفريطنا فى الحياة الدنيا التي كنا نزعم أن لا حياة بعدها.
(وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) أي وهم يحملون ذنوبهم وخطاياهم كما روى عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.
وفى ذلك إيماء إلى أن عذابهم ليس مقصورا على الحسرة على ما فات وزال، بل يقاسون مع ذلك تحمل الأوزار الثقال، وإشارة إلى أن تلك الحسرة من الشدة والهول بحيث لا تزول ولا تنسى بما يكابدونه من صنوف العقوبات.
روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى أن الأعمال القبيحة تتمثل بصورة رجل قبيح يحمله صاحبها يوم القيامة والصالحة بصورة رجل حسن يحمله صاحبها يوم القيامة.
والخلاصة - إنهم ينادون الحسرة التي أحاطت بهم أسبابها وهم فى أسوإ حال بما يحملون من أوزارهم على ظهورهم.
وقد بين اللّه تعالى سوء تلك الحال التي تلابسهم حينما يلهجون بذلك المقال فقال :
(أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) أي ما أسوأ تلك الأثقال التي يحملونها يوم القيامة على ظهورهم.