ج ٧، ص : ١١١
(١) إنهم ما كانوا يكذبونه فى السر ولكنهم كانوا يكذبونه فى العلانية ويجحدون القرآن والنبوة.
(٢) إنهم لا يقولون له إنك كذاب، لأنهم جرّبوه الدهر الطويل فلم يكذب فيه قط، ولكنهم جحدوا صحة النبوة والرسالة واعتقدوا أنه تخيّل أنه نبى وصدّق ما تخيله فدعا إليه.
(٣) إنهم لما أصروا على التكذيب مع ظهور المعجزات القاهرة وفق دعواه كان تكذيبهم تكذيبا لآيات اللّه المؤيدة له أو تكذيبا له سبحانه فكأن اللّه قال له :
إن القوم ما كذبوك ولكن كذبونى، وذلك أن تكذيب الرسول كتكذيب المرسل المصدق له بتأييده على حد :« إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ » :
(٤) إن المراد أنهم لا يخصونك بالتكذيب، بل ينكرون دلالة المعجزة على الصدق مطلقا ويقولون فى كل معجزة إنها سحر، فكأنّ الخلاصة إنهم لا يكذبونك على التعيين ولكن يكذبون جميع الأنبياء والرسل.
ثم لفت نظر رسوله لأن يقتدى بالرسل قبله فى الصبر على التكذيب فقال :
(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) أي إن الرسل الذين أرسلوا قبلك، قد كذبتهم أقوامهم فصبروا على تكذيبهم وإيذائهم لهم إلى أن نصر اللّه الرسل بالانتقام من أعدائهم المكذبين لهم.
ونظير هذه الآية قوله :« وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ».
وقوله :« وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ... » الآية.
وفى الآية تسلية للرسول صلى اللّه عليه وسلم بعد تسلية، وإرشاد له إلى سننه تعالى فى الرسل والأمم، وقد صرح بوجوب الصبر على هذا الإيذاء فى قوله :« فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ » وقوله :« وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا ».
وقد دلت التجارب على أن التأسى يهوّن المصاب ويفيد شيئا من السلوى، ومن