ج ٧، ص : ١٣٠
(٣) ما هو إدراكات نفسية خفية تصل إلى مرتبة العلم كالفراسة والإلهام، وأكثر هذا النوع هواجس تلوح للنفس ولا يجزم بها الإنسان إلا بعد وقوعها. والأعمى والبصير : هنا الضال والمهتدى، والإنذار : العظة والتخويف، الطرد : الإبعاد، والغداة والغدوة كالبكرة : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والعشى : آخر النهار أو من المغرب إلى العشاء : وحسابهم : أي حساب إيمانهم وأعمالهم الباطلة. وفتنا : أي ابتلينا واختبرنا : ومن بيننا : أي من دوننا. منّ اللّه عليهم : أي أنعم عليهم بنعم كثيرة.
المعنى الجملي
كان الكلام فى الآيات السالفة فى بيان أركان الدين وأصول العقائد، وهى :
توحيد اللّه عز وجل، ووظيفة الرسل عليهم السلام، والجزاء على الأعمال يوم الحساب.
وهنا ذكر وظيفة الرسل العامة بتطبيقها على خاتم الرسل صلوات اللّه وسلامه عليه، وأزال أوهام الناس فيها، وأرشد إلى أمر الجزاء فى الآخرة وكون الأمر فيه للّه تعالى وحده على وجه يزيد عقيدة التوحيد تقريرا وتأكيدا، وبيانا وتفضيلا.
الإيضاح
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) أي قل أيها الرسول الذي بعث كما بعث غيره من الرسل مبشرا من أجاب دعوته بحسن الثواب، ومنذرا من لم يقبلها بسوء العقاب، لهؤلاء المكذبين لك بغير علم يميزون به بين شئون الألوهية وحقيقة النبوة، فيقترحون عليك من الآيات الكونية ما يعلمون أنه ليس فى مقدور البشر. فهم إما أن يقولوه تعجيزا، وإما أن يظنوا أن الإنسان لا يكون رسولا إلا إذا خرج من حقيقة البشرية وصار قادرا على ما لا يقدر عليه البشر وعالما بكل ما يعجز عن علمه البشر : لا أقول لكم عندى خزائن اللّه، أتصرف بما خزنه وحفظه فيها من أرزاق العباد وشئون المخلوقات. فكل هذا للّه وحده يتصرف