ج ٧، ص : ١٨٦
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم « يجمع اللّه الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك فيقولون لو استشفعنا على ربنا فأراحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك اللّه بيده وأسجد لك ملائكته وعلّمك أسماء كل شىء فاشفع لنا إلى ربك حتى تريحنا من مكاننا هذا، فيقول لهم آدم لست هناكم - ويذكر ذنبه الذي أصابه فيستحى من ربه عز وجل - ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه اللّه إلى الأرض فيأتون نوحا... » إلخ.
والخلاصة - إن الآية تدل على أن أول رسول شرع اللّه على لسانه الأحكام والحلال والحرام هو نوح عليه السلام.
ويرى بعض العلماء أن آدم كان على هدى من ربه ربّى عليه أولاده وبشرهم بالثواب وأنذرهم بالعقاب، وهذه هداية من جنس هداية اللّه للنبيين والمرسلين التي بلّغوها أقوامهم، ولا ندرى كيف هدى اللّه تعالى آدم إليها، فإن طرق الهداية متعددة، وقد تكون هى هداية الفطرة.
ونوح ومن بعده أرسلوا إلى من فسدت فطرتهم فأعرضوا عما دعوا إليه، وهذه هى الرسالة الشرعية التي يسمى من جاء بها رسولا دون الأولى.
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) أي قل أيها الرسول لمن بعثت إليهم : لا أسألكم على هذا القرآن الذي أمرت أن أدعوكم إليه وأذكّركم به أجرا من مال ولا غيره من المنافع، كما أن جميع من قبلى من الرسل لم يسألوا أقوامهم أجرا على التبليغ والهدى، وقد تكرر هذا الأمر له صلى اللّه عليه وسلم فى سور متعددة كقوله :« قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ».
(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) أي ما هو إلا تذكير وموعظة لإرشاد العالمين كافة لا لكم خاصة، وفى هذا تصريح بعموم بعثته صلوات اللّه عليه للناس جميعا أسودهم وأحمرهم.