ج ٨، ص : ١٣٧
فى ثوب دون فقال : أ لك مال ؟ قلت نعم : قال من أىّ المال ؟ قلت قد آتاني اللّه من الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال : فإذا آتاك اللّه فلير أثر نعمته عليك وكرامته لك ».
وأخرج الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم « إن اللّه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ».
وقد كانت العرب تحرم زينة اللباس فى الطواف تعبدا، وتحرّم الادّهان ونحوه حال الإحرام بالحج كذلك، وتحرم من الأنعام والحرث ما ذكر فى سورة الأنعام، وحرم أهل الكتاب كثيرا من الطيبات.
فجاء الدين الإسلامى الجامع بين مصالح الدنيا ومصالح الآخرة والمطهّر للنفوس والمهذب للأخلاق، فأنكر هذا التحكم المخالف لسنن الفطرة وبين أن هذا التحريم لم يكن إلا من وساوس الشيطان ولم يوح به اللّه إلى أنبيائه ورسله المصطفين الأخيار.
(كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي إن هذا التفصيل لحكم الزينة والطيبات الذي ضل فيه كثير من الأمم والأفراد ما بين إفراط وتفريط - لا يعقله إلا الذين يعلمون سنن الاجتماع وطبائع البشر ومصالحهم، ونحن قد فصلناه على لسان هذا النبي الأمى الذي لم يكن يعرف شيئا من تاريخ البشر فى أطوار بداوتهم وأطوار حضارتهم قبل أن ننزلها عليه، فكان ذلك آية دالة على نبوته، إذ ما كان لمثله أن يعلمها إلا بالوحى من عندنا، ولو لا الكتاب الكريم لما خرجت العرب من ظلمات الوثنية والجهالة إلى ذلك النور الذي صلحت به وأصلحت أمما كثيرة بالدين والفنون والآداب وما أحيت من علوم الأوائل.
ولكن وا أسفا قد أضحى المسلمون من أجهل الشعوب بسنن اللّه فى الأكوان وبالعلوم والمعارف اللازمة لتقدم الحضارة والمدنية، وأصبحوا فى مؤخرة الأمم وصاروا مضرب الأمثال فى التأخر والخمول والكسل، وبذا استكانوا وذلوا وصاروا أفقر الأمم وأضعفهم وأقلهم خدمة لدينهم، وخالفوا ما رسمه لهم ذلك الدين من أن لهم زينة