ج ٩، ص : ١٦٣
وبي ما لا يعلمه إلا اللّه من قتل أخى وأخذ سلبى، فما جاوزت إلا قليلا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يا سعد سألتنى السيف وليس لى وقد صار لى فخذه.
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) أي فاجتنبوا ما كنتم فيه من المشاجرة والتنازع والاختلاف الموجب لسخط اللّه، لما فيه من المضارّ ولا سيما فى حال الحرب.
(وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي وأصلحوا ما بينكم من الأحوال حتى تكون أحوال ألفة ومحبة واتفاق، وهذا الإصلاح واجب شرعا وعليه تتوقف قوة الأمة وعزتها وبه تحفظ وحدتها، روى عن عبادة بن الصامت قال : نزلت هذه الآية فيما معشر أصحاب بدر حين اختلفنا فى النفل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه اللّه من أيدينا فجعله لرسوله، فقسمه بين المسلمين على السواء وكان فى ذلك تقوى اللّه وطاعة رسوله وإصلاح ذات البين.
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فى كل ما يأمر به وينهى عنه، ويقضى به، ويحكم فاللّه تعالى مالك أمركم، والرسول مبلّغ عنه ومبيّن لوحيه بالقول والفعل والحكم.
وعلى هذه الطاعة تتوقف النجاة فى الآخرة والفوز بثوابها، والرسول صلى اللّه عليه وسلم يطاع فى اجتهاده أمر الدنيا المتعلق بالمصالح العامة ولا سيما فى الشئون الحربية، لأنه القائد العام فمخالفته تخلّ بالنظام وتؤدى إلى الفوضى التي لا تقوم للأمة معها قائمة، ولأئمة المسلمين من حق الطاعة فى تنفيذ الشرع وإدارة شئون الأمة وقيادة الجند ما كان له صلى اللّه عليه وسلم بشرط عدم معصية اللّه تعالى ومشاورة أولى الأمر.
(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي إن كنتم كاملى الإيمان فامتثلوا هذه الأوامر الثلاثة، إذ كماله يقتضى ذلك لأن اللّه أوجبه فالمؤمن باللّه حقا يكون له من نفسه وازع يسوقه إلى الطاعة واتقاء المعاصي إلا أن يعرض له ما يغلبه عليها أحيانا من ثورة شهوة أو سورة غضب ثم لا يلبث أن يفىء إلى أمر اللّه ويتوب إليه مما عرض له.


الصفحة التالية
Icon