وإنذار الرسل، وهو دليل على عدم ردهم إلى الدنيا مرة أخرى، وأشار إلى ذلك بقوله: ﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ ١ جوابا لقولهم: ﴿أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾، وقوله: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا﴾ ٢، بعد قوله تعالى عنهم: ﴿فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ ٣، وقوله: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ ٤... الآية، بعد قوله: ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ﴾، وقوله هنا: ﴿قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾... الآية، بعد قوله:

﴿فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ﴾ الآية، فكل ذلك يدل على عدم الرد إلى الدنيا وعلى وجوب العذاب، وأنه لا محيص لهم عنه٥.
الميزان:
قرر رحمه الله تعالى أن ظاهر القرآن الكريم يدل على تعدد الموازين لكل شخص فقال: "وقوله في هذه الآية الكريمة": ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ﴾ ٦، جمع ميزان وظاهر القرآن تعدد الموازين لكل شخص لقوله: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ ٧، وقوله: ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ﴾ ٧، فظاهر القرآن يدل على أن للعامل الواحد موازين يوزن بكل واحد منها صنف من أعماله، كما قال الشاعر:
ملك تقوم الحادثات لعدله فلكل حادثة لها ميزان
والقاعدة المقررة في الأصول أن ظاهر القرآن لا يجوز العدول عنه إلا
١ سورة إبراهيم: من الآية ٤٤.
٢ سورة غافر: من الآية ١٢.
٣ سورة غافر: من الآية ١١.
٤ سورة الشورى: من الآية ٤٥.
٥ أضواء البيان: محمد الأمين الشنقيطي ج٢ ص٢٧٠-٢٧١.
٦ سورة الأنبياء: من الآية ٤٧.
٧ سورة الأعراف: من الآيتين ٨ و٩.


الصفحة التالية
Icon