وألفت الانتباه أيضا إلى أني أذكر التاريخ حينا ولا أضع حرف الهاء علامة للهجري لأنه الأصل، وإذا ما ذكرت التاريخ الآخر فإني أذكر حرف الميم.
وأخيرا أحب أن أوضح أمرا هاما كان حقه التقديم إلا أن المسائل زاحمته فزحمته مع أنه قد يثور مع أول كلمة يواجهها قارئ هذا البحث حين يقرأ عنوانه "اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الهجري" ما المراد بالاتجاه؟ وما المراد بالمنهج؟ وما المراد بالطريقة؟
والحقيقة أن تلكم الكلمات الثلاث اصطلاحات حديثة لم أجد لها -فيما قرأت- ذكرا عند أصحاب الدراسات القرآنية الأوائل، وحتى أصحابها في العصر الحديث لا تكاد تجد اتفاقا على معنى واحد لكل منها؛ ولهذا ترى كثيرا منهم يعبر بهذه الكلمة مرة وبالأخرى مرة عن مدلول واحد وترى آخرين منهم يذكرون تعريفا لكل مصطلح منها ويذكر غيرهم غيره.
وعلى كل حال ما دامت هذه المصطلحات لم يقر قرارها، فإن من حقي أن أذكر هنا ما أردت بكل واحد منها.
وإذا كان الأمر كذلك فإن الاتجاه -عندي- هو الهدف الذي يتجه إليه المفسرون في تفاسيرهم ويجعلونه نصب أعينهم وهم يكتبون ما يكتبون، أما المنهج فهو السبيل التي تؤدي إلى هذا الهدف المرسوم، وأما الطريقة فهي الأسلوب الذي يطرقه المفسر عند سلوكه للمنهج المؤدي إلى الهدف أو الاتجاه.
أضرب لذلك مثلا: جماعة يريدون السفر إلى مدينة واحدة، فانطلقوا واتجاههم تلكم المدينة لكنهم سلكوا مناهج مختلفة، منهم من سلك المنهج البري الأول ومنهم من سلك المنهج الثاني ومنهم من سافر جوا ومنهم من سافر بحرا وغير ذلك، وهذه كلها مناهج لاتجاه واحد. أما الطريقة فتظهر حيث إن أحد هؤلاء اتجه اتجاها مباشرا إلى الهدف وجعل آخرون سفرهم سياحة فلا يمرون في استراحة إلا واستراحوا فيها ولا يمرون بمدينة أو بقرية إلا ويتجولون فيها ولا يمرون بروضة أو حديقة إلا ويقضون سحابة يومهم فيها ولا يمرون بوادٍ


الصفحة التالية
Icon