التفسير وأن يحضروا ذلك في مجالس الصحابة -رضوان الله عليهم- للتلقي عنهم مباشرة، أو عن تلاميذهم من بعدهم.
واتسعت رقعة البلاد الإسلامية أرضا فدخلت فيه بلدان أخرى، واتسعت رقعته لسانا فدخلت فيه أمم أعجمية شتى بمختلف الألسنة ومختلف المذاهب والعقائد، دخل فيه بعد المشركين الذين يعبدون الأوثان أمم مجوسية وأهل كتاب وملل ونحل أخرى، وكان لهذا أثره في مسار التفسير.
فكدرته من بعد العجمة وخالطه قبح الابتداع وتحكمت فيه عقائد فاسدة زائفة جعلها بعض ذوي الملل والنحل أصلا يصرفون إليها التفسير، ويلوونه إليها ليا.
فتعددت من ثم مشارب التفسير وتنوعت من بعد مناهجه وطرقة فجد فيه مصادر محدثة وطرق مبتدعة وأهواء منكرة، وبقيت طائفة على المنهج الصافي الذي لا تكدره الأهواء ولا تبلبل أفكاره زائف العقائد، تحكي مثال التزام المنهج الحق في تفسير القرآن.
ولم يكن الفاصل بين تينكم المرحلتين وجيزا أو قصيرا، بل كان بينهما مراحل أخرى نحسبها مجتمعة هي مراحل التفسير التي مر بها من عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى عصرنا الحاضر.
مراحل التفسير:
المرحلة الأولى: عصر الصحابة، رضي الله عنهم:
وهو الذي سبقت الإشارة إليه، وقد كانوا أن غمض عليهم معنى أو دق عليهم مرمى رجعوا إليه -عليه الصلاة والسلام- فجلاه لهم وبينه أحسن وأصدق بيان.
وقد كان التفاوت بينهم بينا فيما يحتاج إلى اجتهاد شأن التفاوت في عقول سائر البشر فكان بعضهم يرجع إلى من قد يكون أكثر منه فهما لمعنى أو إدراكا لرمز، وقد يكون أعلم فيما أحاط بالآية عند نزولها من أحداث لها التأثير في فهم مدلولها.