عن اليهود والرافضة، حيث أنكر اليهود النسخ؛ لأنه يستلزم البداء على الله بزعمهم، وقالت الرافضة بالنسخ وأثبتوا لازمه بزعمهم وهو البداء، وتوسط أهل السنة والجماعة فأخذوا بأدلة الكتاب والسنة وقالوا بالنسخ، وأنكروا البداء وقالوا: إنه سبحانه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ ١ وإن كان يعلم أنهم لا يردون ولكن أخبر أنهم لو ردوا لعادوا كما قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ ٢، ٣، وقالوا: على العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه، فقدر ذلك تقديرا محكما مبرما ليس فيه ناقض ولا معقب ولا مزيل ولا مغير ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سمواته وأرضه٤، وسيأتي تفسير الآيات المتعلقة بهذا البحث في موضعه عن شاء الله.
إثبات الرؤية:
ويعتقد أهل السنة أن أهل الجنة يرون ربهم يوم القيامة بغير إحاطة ولا كيفية كما نطق به كتاب ربنا: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، ِإلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ ٥، وتفسيره على ما أراد الله تعالى وعلمه وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن سول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو كما قال، ومعناه على ما أراد لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله -عز وجل- ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه -وهي عندهم أعني الرؤية- من أشرف مسائل أصول الدين وأجلها، وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون وتنافس المتنافسون٦.
واستدلوا لإثبات الرؤية بعدة أدلة من الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله
٢ الأنفال: الآية ٢٣.
٣ شرح الطحاوية: علي بن أبي العز الحنفي ص١٥٢ "الشرح".
٤ شرح الطحاوية: على بن أبي العز الحنفي ص٣٠٢ "المتن".
٥ سورة القيامة: الآيتان ٢٢-٢٣.
٦ شرح الطحاوية: ص٢٠٣-٢٠٤.