الجهة:
قلنا: إن أهل السنة يصفون الله سبحانه بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه١.
وأحسن من اطلعت على قوله في هذا ابن تيمية -رحمه الله تعالى- حيث وضح ذلك توضيحا شافيا في مثل هذا اللفظ ونحوه من الألفاظ حيث قال، رحمه الله تعالى:
وبالجملة، فمعلوم أن الألفاظ "نوعان":
لفظ ورد في الكتاب والسنة أو الإجماع، فهذا اللفظ يجب القول بموجبه، سواء فهمنا معناه أو لم نفهمه؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يقول إلا حقا، والأمة لا تجتمع على ضلالة.
"والثاني": لفظ لم يرد به دليل شرعي كهذه الألفاظ التي تنازع فيها أهل الكلام والفلسفة، هذا يقول: هو متحيز وهذا يقول: ليس بمتحيز، وهذا يقول: هو في جهة، وهذا يقول: ليس هو في جهة، وهذا يقول: هو جسم أو جوهر وهذا يقول: ليس بجسم ولا جوهر، فهذه الألفاظ ليس على أحد أن يقول فيها بنفي ولا إثبات حتى يستفسر المتكلم بذلك، فإن بين أنه أثبت حقا أثبته وإن أثبت باطلا رده وإن نفى باطلا نفاه وإن نفي حقا لم ينفه، وكثير من هؤلاء يجمعون من هذه الأسماء بين الحق والباطل في النفي والإثبات٢.
ثم طبق -رحمه الله تعالى- هذا القول على من قال بالجهة، فقال عنه: "فمن قال: إنه في جهة وأراد بذلك أنه داخل محصور في شيء من المخلوقات -كائنا من كان- لم يسلم إليه هذا الإثبات، وهذا قول الحلولية، وإن قال: إنه مباين للمخلوقات فوقها لم يمانع في هذا الإثبات، بل هذا ضد قول الحلولية،

١ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج٣ ص٤١.
٢ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج٥ ص٢٩٨-٢٩٩.


الصفحة التالية
Icon