أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه وأجمع على أنه ليس من القرآن عامدا لكل هذا، أنه كافر؛ ولهذا رأى مالك قتل من سب عائشة -رضي الله عنها- بالفرية لأنه خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل أي: لأنه كذب بما فيه، وقال ابن القاسم: من قال: إن الله تعالى لم يكلم موسى تكليما يقتل، وقاله عبد الرحمن بن المهدي، وقال محمد بن سحنون فيمن قال: المعوذتان ليستا من كتاب الله، يضرب عنقه إلا أن يتوب، وكذلك كل من كذب بحرف منه. وقال أبو عثمان الحداد: جميع من ينتحل التوحيد متفقون أن الجحد لحرف من التنزيل كفر وكان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل له: ليس كما قرأت ويقول: أما أنا فأقرأ كذا فبلغ ذلك إبراهيم فقال: أراه سمع أنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله، وقال عبد الله بن مسعود: من كفر بآية من القرآن، فقد كفر به كله... ١.
وقال ابن قدامة: "ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه، أنه كافر"٢.
وكذا قال البغدادي: "وأكفروا -أي: أهل السنة- من زعم من الرافضة أن لا حجة اليوم في القرآن والسنة لدعواه أن الصحابة غيروا بعض القرآن وحرفوا بعضه"٣.
وقال ابن حزم: "القول بأن بين اللوحين تبديلا كفر صريح، وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم"٤.
وها أنت ترى حكم علماء أهل السنة والجماعة فيمن أنكر حرفا واحدا من القرآن الكريم، فكيف بمن ادعى أكثر من ذلك، والعياذ بالله.
وما كنت لأزيد عن الإشارة لعقيدة أهل السنة في مثل هذا لولا أن نابتة

١ الشفا: القاضي عياض ج٢ ص٢٦٤-٢٦٥.
٢ لمعة الاعتقاد: موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ص١٦-١٧.
٣ الفرق بين الفرق: عبد القاهر البغدادي ص٣١٥.
٤ الفصل في الملل والنحل: ابن حزم ج٤ ص١٨٢.


الصفحة التالية
Icon