ثالثًا: الخمس في الغنائم:
يرى فقهاء المذاهب الأربعة أن المراد بالغنيمة ما حواه المسلمون من أموال الكفار، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ ١.
فقال الشيخ الشنقيطي في تفسيره لها: "ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل شيء حواه المسلمون من أموال الكفار، فإنه يخمس حسبما نص عليه في الآية، سواء أوجفوا عليه الخيل والركاب أو لا؛ ولكنه تعالى بيَّن في سورة الحشر أن ما أفاء الله على رسوله من غير إيجاف المسلمين عليه الخيل والركاب أنه لا يخمس، ومصارفه التي بيَّن أنه يصرف فيها كمصارف خمس الغنيمة المذكورة هنا؛ وذلك في قوله تعالى في فيء بني النضير: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ﴾ ٢ الآية، ثم بيَّن شمول الحكم لكل ما أفاء الله على رسوله من جميع القرى بقوله: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾ ٣ الآية.
اعلم أولًا أن أكثر العلماء فرَّقوا بين الغنيمة والفيء؛ فقالوا: الفيء هو ما يسره الله للمسلمين من أموال الكفار من غير انتزاعه منهم بالقهر... وأما الغنيمة فهي ما انتزعه المسلمون من الكفار بالغلبة والقهر...
وقال بعض العلماء: "إن الغنيمة والفيء واحد، فجميع ما أُخذ من الكفار على أي وجه كان غنيمة وفيئًا، وهذا قول قتادة -رحمه الله- وهو المعروف في اللغة"٤.
هذا ما قاله -رحمه الله تعالى- في الغنيمة. أما تفسيره للخمس الذي يُؤخذ من هذه الغنيمة فقال عنه: "ظاهر الآية أنه يجعل ستة أنصباء: نصيب لله

١ سورة الأنفال: من الآية ٤١.
٢ سورة الحشر: من الآية ٦.
٣ سورة الحشر: من الآية ٧.
٤ أضواء البيان: محمد الأمين الشنقيطي، ج٢ ص٣١٥، ٣١٦، باختصار.


الصفحة التالية
Icon