أما بيانه لكيفية قسمة الخمس فقال فيه: قد اختلف العلماء في كيفية قسمة الخمس على أقوال ستة:
الأول: قالت طائفة: يقسم الخمس على ستة؛ فيجعل السدس للكعبة وهو الذي لله، والثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والثالث لذوي القربى، والرابع لليتامى، والخامس للمساكين، والسادس لابن السبيل.
القول الثاني: قال أبو العالية والربيع: إنها تُقسَّم -أي: الغنيمة- على خمسة، فيعزل منها سهم واحد ويقسم أربعة على الغانمين، ثم يضرب يده في السهم الذي عزله، فما قبضه من شيء جعله للكعبة، ويقسم بقية السهم الذي عزله على خمسة للرسول من بعده في الآية.
القول الثالث: عن زين العابدين علي بن الحسين أنه قال: إن الخمس لنا، فقيل له: إن الله يقول: ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل﴾ ؟ فقال: يتامانا وماسكيننا وأبناء سبينا.
القول الرابع: قول الشافعي: إن الخمس يقسم على خمسة، وإن سهم الله وسهم رسوله واحد، يصرف في مصالح المؤمنين، والأربعة الأخماس على الأصناف الأربعة المذكورة في الآية.
القول الخامس: قول أبي حنيفة: إنه يقسم الخمس على ثلاثة: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وقد ارتفع حكم قرابة رسول الله ﷺ بموته كما ارتفع حكم سهمه، قال: ويبدأ من الخمس بإصلاح القناطر، وبناء المساجد، وأرزاق القضاة والجند، ورُوي نحو هذا عن الشافعي.
القول السادس: قول مالك: إنه موكول إلى نظر الإمام واجتهاده، فيأخذ منه بغير تقدير، ويعطي منه الغزاة باجتهاده، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين، قال القرطبي: "وبه قال الخلفاء الأربعة وبه عملوا"، وعليه يدل قوله صلى الله عليه وسلم: "ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم"، فإنه لم يقسمه أخماسًا ولا أثلاثًا؛ وإنما ذَكَرَ ما في الآية مَنْ ذَكَرَ على وجه التنبيه عليهم؛ لأنهم مِن أهم مَن يدفع إليه.


الصفحة التالية
Icon