بالمشركات الوثنيات، وقيل: إنها تعم الكتابيات؛ لأن أهل الكتاب مشركون، ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ ١، وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية؛ فقالت طائفة: إن الله حرَّم نكاح المشركات فيها، والكتابيات من الجملة ثم جاءت آية المائدة٢ فخصت الكتابيات من هذا العموم، وهذا محكي عن ابن عباس ومالك وسفيان بن سعيد وعبد الرحمن بن عمر والأوزاعي، وذهبت طائفة إلى أن هذه الآية ناسخة لآية المائدة، وأنه يحرم نكاح الكتابيات والمشركات -وهذا أحد قولي الشافعي- وبه قال جماعة من أهل العلم، ويجاب عن قولهم: إن هذه الآية ناسخة لآية المائدة بأن سورة البقرة من أول ما نزل، وسورة المائدة من آخر ما نزل، والقول الأول هو الراجح"٣.
قطع يد السارق:
وذلك في قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ ٤، قال -رحمه الله- في تحديد موضع القطع:
"والقطع معناه الإبانة والإزالة وجمع الأيدي لكراهة الجمع بين اثنتين، وقد بينت السُّنة المطهرة أن موضع القطع الرسغ، وقال قوم: يقطع من المرفق، وقال الخوارج: من المنكب"٥.
وبعد:
هذه أمثلة من تفسيره -رحمه الله تعالى- لآيات الأحكام، ومنها يتضح عدم تأويله لأيٍّ منها بما تقول به بعض الفرق؛ كالشيعة والخوارج ونحوهم؛ بل

١ سورة التوبة: من الآية ٣٠.
٢ وهي قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾ [الآية: ٥].
٣ نيل المرام من تفسير آيات الأحكام: محمد صديق حسن ص٨٢، ٨٣.
٤ سورة المائدة: من الآية ٣٨.
٥ نيل المرام من تفسير آيات الأحكام: محمد صديق حسن ص٤٢٧.


الصفحة التالية
Icon