الضرورة، وبشرط أمن الفتنة. أما في مثل هذا الزمان الذي كثر فيه أعوان الشيطان، وانتشر فيه الفسق والفجور، فلا يقول أحد بجواز كشفه، لا من العلماء ولا من العقلاء؛ إذ مَن يرى هذا الداء والوباء الذي فشا في الأمة -وخاصة بين النساء بتقليدهن لنساء الأجانب- فإنه يقطع بحرمة كشف الوجه؛ لأن الفتنة مؤكدة والفساد محقق، ودعاة السوء منتشرون، ولا نجد المجتمع الراقي المهذب الذي يتمسك بالآداب الفاضلة، ويستمع لمثل قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ ولا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصرف بصرك"، فالاحتياط في مثل هذا العصر والزمان واجب، والله يهدي مَن يشاء إلى صراط مستقيم"١.
هذا ما قاله -وفقه الله- هنا، وقال مثله أو أحسن منه تحت عنوان: بدعة كشف الوجه، وجعله خاتمة لهذا البحث، وقال مثل هذا في سورة الأحزاب، وكله حري به أن يقرأ ويدرك، كيف لا وهي فتنة ترقب الشباب، وكيف لا وهم عماد الأمة ومستقبلها.
قطع يد السارق:
قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم﴾ ١، قال في بيان موضع قطع اليد:
"دل قوله تعالى: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ على وجوب قطع اليد في السرقة، وقد أجمع الفقهاء على أن اليد التي تُقطع هي "اليمنى"؛ لقراءة بن مسعود: "فاقطعوا أيمانهما".
ثم اختلفوا: من أين تقطع اليد؟ فقال فقهاء الأمصار: تقطع من المفصل -مفصل الكف- لا من المرفق ولا من المنكب، وقال الخوارج: تقطع إلى المنكب، وقال قوم: تُقطع الأصابع فقط.

١ المرجع السابق ج٢ ص١٥٧، ١٥٨.
٢ سورة المائدة: الآية ٣٨.


الصفحة التالية
Icon