وارادة مورد الامتنان والتخفيف، على ما يعطيه التدبر في سياقها، فهي آبية عن المنسوخية؛ بل التخفيف المفهوم منها هو الحاكم على التشديد المفهوم من آية البقرة، فلو بُني على النسخ كانت آية المائدة هي الناسخة.
على أن سورة البقرة أول سورة نزلت بالمدينة بعد الهجرة، وسورة الممتحنة نزلت بالمدينة قبل فتح مكة، وسورة المائدة آخر سورة نزلت على رسول الله ناسخة غير منسوخة، ولا معنى لنسخ السابق اللاحق١.
١ الميزان في تفسير القرآن: محمد حسين الطباطبائي ج٢ ص٢٠٣، ٢٠٤.
الحجاب:
والحجاب -كما قلنا- متفق على وجوبه بين المسلمين؛ ولكن اختلفوا في حدوده، وهذا محمد جواد مغنيه يقول في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ ١، والمراد بالزينة هنا موضعها؛ لأن الزينة بما هي لا يحرم النظر إليها، والمراد بالظاهر من موضع الزينة الوجه والكفان فقط، وقد استدل الفقهاء بهذه الآية على وجوب الحجاب، وأن جميع بدن المرأة عورة إلا ما استُثنِي منه؛ أي: الوجه والكفين، فقد سُئل الإمام جعفر الصادق "ع" عن الذراعين: هل هما من الزينة التي قال الله عنها: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ ؟ فقال: نعم، وما دون الوجه والكف من الزينة؛ أي: المحرمة. وفي أحكام الآيات للجصاص أحد أئمة الأحناف: "والمراد بما ظهر الوجه والكفان". وفي تفسير الرازي الشافعي: "اتفقوا على أن الوجه والكفين ليسا بعورة"٢.
وقال في تفسير قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾ ٣ الآية: "إن قوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾ عام يشمل الستر والحجاب لجميع أجزاء البدن، بما فيه الرأس
١ سورة النور: من الآية ٣١.
٢ التفسير الكاشف: محمد جواد مغنيه ج٥ ص٤١٥.
٣ سورة الأحزاب: من الآية ٥٩.
٢ التفسير الكاشف: محمد جواد مغنيه ج٥ ص٤١٥.
٣ سورة الأحزاب: من الآية ٥٩.