في وقت لا يملك صاحبها قوة ولا عونا ولا يستطيع لذلك المحق ردًّا تمثيل لهذه النهاية البائسة في صورة موحية عنيفة الإيحاء. كل ما فيها عاصف بعد أمن ورخاء.
﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ ١.
هذه الصدقة في أصلها وفي آثارها تمثل في عالم المحسوسات.
﴿جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾.
إنها ظليلة وارفة مخصبة مثمرة. وكذلك الصدقة في طبيعتها وفي آثارها.
كذلك هي في حياة المعطي وفي حياة الآخذ وفي حياة الجماعة الإنسانية. كذلك هي ذات روح وظل وذات خير وبركة، وذات غذاء وري وذات زكاة ونماء!
فمن ذا الذي يود أن تكون له هذه الجنة -أو هذه الحسنة- ثم يرسل عليها المن والأذى يمحقها محقا، كما يمحق الجنة الإعصار فيه نار؟
ومتى؟ في أشد ساعاته عجزا عن إنقاذها، وحاجة إلى ظلها وعمائها!
﴿وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾.
"من ذا الذي يود هذا؟ ومن ذا الذي يفكر في ذلك المصير ثم لا يتقيه؟
﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾.
وهكذا يقوم المشهد الحي الشاخص، بما فيه أول الأمر من رضى ورفه ومتعة، وما فيه من نضارة وروح وجمال ثم بما يعصف به عصفا من إعصار فيه

١ سورة البقرة: الآية ٢٦٦.


الصفحة التالية
Icon