إنه بهذا مثال العالم المسلم الذي لا يقول فيما لا يعلم، ويسأل إذا جهل، ويحمد الله إذا علم.
وإذا عجز عن بيان ذلك في موضع حتى ولو لم يكن في الظلال غيره فإنه يصرح بقوله: "وأنا؛ اللحظة لا أجد في هذا القول ما يريح أيضا ولكنه لم يفتح علي بشيء آخر" ولا ينسى وهو المؤمن الاستعانة بالله في مثل هذا الموضع فيقول: "والله المستعان"١.
نعم يصرح بـ: لم يفتح علي بشيء، وقد صرح بها من قبله مالك رحمه الله تعالى فقال: لا أدري، فما زادته إلا سُمُوًّا في القلوب وما نقصته إلا عُلُوًّا في العلم!! وذهبت تلك الكلمة مشعل نور في دياجير الزمن تحكي الورع الصادق عند علماء المسلمين.
وإذا كانت تلكم هي المرة الوحيدة التي لم يستطع فيها سيد قطب رحمه الله تعالى بيان الماسبة بينها وبين الآيات التي قبلها فإن هذا يدل على توفيق الله تعالى له ببيان المناسبة في كل المواضع الأخحرى ويدل أيضا على عنايته رحمه الله تعالى بالوحدة الموضوعية في القرآن الكريم.
الأساس السابع: ترك الأطناب عما أبهم في القرآن الكريم
وما الذي يتصوره غير ذلك من رجل يدخل التفسير دون مقررات سابقة إلا ما قرره الكتاب والسنة.
فإذا كان القرآن نفسه أوجز الحديث عن أمره فمن أين يؤتى بدقائق تفصيله من غير سنة الرسول صلى الله وسلم. لهذا فقد أعرض سيد رحمه الله تعالى عن الخوض فيما أبهمه القرآن الكريم، ولم يرد بيانه في السنة، وكان هذا من منهجه.