المرحلة الأولى: التفسير الموضوعي
وهي المرحلة التي أشار إليها أمين على أنها النظر بين يدي الخطة حيث قال: "والقرآن كما هو المعروف لم يرتب على الموضوعات والمسائل فيفرد كل شيء منها بباب أو فصل، يجمع ما ورد فيه عن هذا الموضوع أو تلك المسألة فليس على ترتيب كتب العقائد مع ما فيه من أصول العقيدة وليس على ترتيب كتب التشريع مع ما فيه من أصول التشريع. ولا هو كذلك على نسق كتب الأخلاق أو التاريخ ولا القصص ولا غير ذلك، بل ليس على ترتيب بعض كتب الدين حين أفردت أحداث الحياة بأسفار عنونت كل سفر منها بحادث، أو حين جرت على تسلسل حياة فرد خصت كل حين منها بقسم. كما لم يرتب على شيء من تاريخ ظهور آياته إنما جرى القرآن على غير هذا كله. فعرض لكثير من الموضوعات ولم يجمع منها واحدا بعينه، فيلتقي أوله بآخره ويعثر به في مكان معين وإنما نثر ذلك كله نثرا وفرقه تفريقا؛ فالحكم التشريعي في أكثر من موضع والأصل الاعتقادي قد عرض له غير مرة والقصة قد وزعت مناظرها ومشاهدها في جملة أماكن، وهكذا تقرأ في السورة الواحدة فنونا من القول وتمر بألوان من الأغراض المختلفة تعرض لها سورة أخرى فيتكامل العرضان، وتتم الفكرة بتتبعها في مواطن متعددة وذلك لحكمة ومرمى"١.
ويؤكد الأستاذ أمين أن لهذا الواقع في موضوعات القرآن الكريم أثره في طريقة تناول القرآن بالتفسير وأن طريقة السلف في تفسيره مرتَّبًا لا تمكن من الفهم الدقيق والإدراك الصحيح لمعانيه وأغراضه ولا أظن الأستاذ أمين الخولي إلا مخطئا في نظته تلك إلى تفسير السلف ذلك أنهم حين يتناولون بالتفسير حكما تشريعيًّا لا ينظرون إلى آياته التي حملته نظرة منفصلة عن الآيات الأخرى بل ولا عن ما هو خارج عن الآيات أعني السنة وغيرها فلا تعد نظرتهم تلك نظرة قاصرة وخذ القصة مثلا حين يتناولها السلفي يستكمل مناظرها ومشاهدها من نصوص آيات أخرى في مواضع متفرقة وكذا آيات العقائد لا ينظر إلى آحادها