وقد سبقه إلى نحو هذا الأستاذ الإمام محمد عبده حيث اشترط على المفسر علم أحوال البشر في أطوارهم وأدوارهم واشترط العلم بسيرة النبي ﷺ وأصحابه وما كانوا عليه من علم وعمل وتصرف في الشئون دنيويِّها وأخرويِّها١.
وحين أقول إن الأستاذ أمين سبق إلى موضوع كذا فلست أعني بحال من الأحوال سلب المنهجية الخاصة به. وإنما أعني إبراز وجوه الشبه بين منهجه والمناهج الأخرى، وقد تتفق مناهج عدة في خطوة أو خطوات ثم تختلف ولا يعني هذا اتحادهما حين تشابها أو انفصامهما حين اختلفا بقدر ما يعني من وجوه التشابه ووجوه الاختلاف وهي صفة مشتركة بين كل المناهج بل والاتجاهات في التفسير.
وأحسب أن الدراسة لما حول القرآن الكريم بشقيها العامة والخاصة ما هما إلا تمهيد وتوطئة لدراسة النص نفسه وهما: دراسة ما حول القرآن، ودراسة النص وإن كانا يشكلان مرحلة واحدة هي المرحلة الثالثة إلا أن أولهما تمهيد اشترط الأستاذ أمين استيفاءه للتقدم إلى دراسة النص نفسه حيث قال بعد أن استعرض الدراسة لما حول القرآن بشقيها: "تلك إلمامه بما حول القرآن من دراسة وهي في جملتها ترجع إما إلى تحقيق النص وضبطه وبيان تاريخ حياته وإما إلى التعريف بالبيئة التي فيها ظهر وعنها تحدث وبين مغانيها ومعانيها تقلب.
وبعد استيفاء ذلك يكون التقدم إلى دراسة القرآن نفسه"٢.
ذلكم أن الشق الثاني من المرحلة الثالثة هو روح الدراسة البيانية وأُسها، وهذا أمين نفسه يبسط لنا مرة أخرى الحديث عن هذه الخطوة الجديدة.

١ تفسر المنار: محمد رشيد رضا ج١ ص٢٢-٢٤.
٢ التفسير معالم حياته منهجه اليوم أمين الخولي، ص٤١.


الصفحة التالية
Icon