والنظر ملم ما أمكن بمحدث الدراسة في أنسب اللغات وصلة ما بينها؛ ليطمئن كذلك إلى أن الكلمة عربية أصيلة، أو هي دخيلة، وإن كانت فما بيئتها؟ وما معناها الأول؟ ثم هو محاذر كذلك من اندفاع معاجمنا في رد الكلمات إلى أصل عربي يشابهها في اللفظ، مع التكلف في الاشتقاق والربط.
٢- وإذا ما فرغ من البحث في معنى اللفظة اللغوي انتقل بعده إلى معناها الاستعمالي في القرآن يتتبع ورودها فيه كله؛ لينظر في ذلك فيخرج منه برأي عن استعمالها، هل كانت له وحدة أطردت في عصور القرآن المختلفة ومناسباته المتغيرة؟ وإن لم يكن الأمر كذلك فما معانيها المتعددة التي استعملها فيها القرآن؟ وبذا يهتدي بمعناها أو معانيها اللغوية إلى معناها أو معانيها الاستعمالية في القرآن، وهو بما ينتهي إليه من كل أولئك يفسرها مطمئنا في موضعها من الآية التي جاءت فيها"١.
وكما بيَّن الأستاذ الخولي خلوّ الساحة من معجم للترتيب الزمني لتداول الألفاظ العربية أكد أيضا خلوها من معجم يعنى بمفردات القرآن ويتتبع الألفاظ فيه إلا ما وصفه بمحاولة الراغب الأصفهاني منذ قرابة ألف عام أن يعطينا مفردات القرآن في قاموس خاص بها ووصفه بأنه "عانى فيها شبيها بما وصفنا أو بشيء من أصل فكرته ولكنه لم يتم التعقب اللغوي ولم يستوفِ التتبع القرآني، وفاته مع ذلك كله فرق ما بين عصره وعصرنا في دراسة اللغات وصلاتها إلا أنه في كل حال نواة تُخجِل مَن بعده وبخاصة أهل هذا العصر الطموح فيؤلمهم ألا يملكوا إلا هذا القاموس القرآني الناقص بل البدائي وبالتزام هذا المنهج الأدبي يرجى كمال هذا القاموس وقواميس أخرى تتطلبها حياة القرآن كتاب العربية الأعظم"١.
وهذا ولا شك عبء آخر على المفسير الأدبي للقرآن الكريم يتطلب منه