ولذائذ من الرضا والحبور، وحينما أنكروا ذلك وحقروه لم يحرموا أنفسهم منه فحسب، بل شوشروه١ على من يبتغيه، وشوهوه على من يؤثره ففسدوا وأفسدوا، وتأذوا وآذوا، وعُذبوا وعذبوا معهم غيرهم والله المستعان" إلى أن قال: فيأتيها القلوب المؤمنة كيف تناول القرآن أصول التقدير وما هديه في بيان الغايات الكريمة، وأي اللذائذ الراقية قد تخير لكرام الناس في حياتنا المشهودة؟ التمسوا الجواب عن ذلك فيما علمه لرسله وهداهم إلى أن يقولوه لقومهم، وأن يعلنوا أنه الغاية من أدائهم لرسالاتهم مع أنهم أولئك البشر الذين قرر القرآن بشريتهم ولم يثبت لهم وراءها شيئا فستجدون في ذلك ما تريدون من هدي القرآن في هذه المشكلات الدقيقة ستجدون حقيقة ثابتة مطردة في الأديان كلها وستعرفون المطلب الذي ابتغاه الرسل جميعا من أدائهم رسالاتهم جميعا، ستستمعون نوحا ﷺ منذ الدهر الأول يقول لقومه: ﴿وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ ٢، ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ٣ ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ٤ إلى أن قال الأستاذ أمين:
"واسمعوا كذلك في الرسالات الأولى هودا يقول لقومه: ﴿يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ ٥ ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِين﴾ ٣ وهكذا قال صالح لقومه، تلك المقالة، وقالها لوط، كما قالها شعيب عليهم السلام جميعا، فتقرأ في سورة الشعراء من قصص هؤلاء الأنبياء تلك النغمة السماوية
٢ سورة هود: الآية ٢٩.
٣ سورة الشعراء: الآية: ١٠٩.
٤ سورة يونس: الآية ٧٢.
٥ سورة هود: الآية ٥١.