الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} ١. وتقرأ هذا، فتسأل هل للكلمة حس فني خاص يجعل استعمالها موحيا بشعور نفسي يجده من ينصت لهذا القرآن المعجز؟
وإذا الجواب عن هذا السؤال: نعم إن المادة ترجع في أصل معناها جملة إلى الاستقامة في السير والسرعة في العطاء كما أن منها المجيء بسهولة ومن هنا تحس إيحاء التعبير القرآني حينما يخصها بالتعبير عن أداء الواجدين لزكاة أموالهم حين يؤدونها لأصحاب الحق فيها. ويؤدونها من مال الله الذي آتاهم وينفقون مما جعلهم مستخلفين فيه فما أقوى أن يشعر التالي المتأمل من قريب وفي قوة أن الحرص على استعمال هذه المادة في أداء الزكاة إنما هو التعبير عن إعطاء في سرعة واتجاه إلى الإعطاء يتم في سهولة"٢.
وفي قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ ٣. قال الخولي: "نشعر في مادة الأخذ بأنها التناول الجاد الحازم القوي تحسه واضحا في مثل قوله: ﴿وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُم﴾ ٤ ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ﴾ ٤ ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ ٥، فنستشف هذا الجد المتناول٦ وبهذا يخرج الصدقة عن مفهوم الامتنان والتفضل، بل إن الإحسان في عامة استعماله هو ضد الإساءة: ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ ٧، ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ ٨، وبذلك ينفر الحس القرآني الدقيق دائما من أن يستعمل في ذكر المال المصلح لحياة الجماعة هذا الإحسان بمعنى الإعطاء المتفضل، والبذل المنعم والأداء المترفع
٢ من هدي القرآن، في أموالهم: أمين الخولي، ص٢٤٠-٢٤١.
٣ سورة التوبة: الآية ١٠٣.
٤ سورة النساء: الآية ١٠٢.
٥ سورة الرحمن: الآية ٤١.
٦ من هدى القرآن: في أموالهم، أمين الخولي، ص٢٤٧،
٧ سورة الإسراء: الآية ٧.
٨ سورة البقرة: الآية ٨٣.