﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإسراء: ١٩]، ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: ١٠٤].
ودلالة القصد أوضح في آيات:
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا﴾ [البقرة: ١١٤].
﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾ [المائدة: ٣٣، ٦٤]. وواضح أن السعي في آية الليل هو من العمل الكسبي مع القصد والدأب ومثله السعي في آيات "الإنسان: ٢٢، النجم: ٤٠، الغاشية: ٩"١.
ولا أظن الدكتورة عائشة مصيبة في تصنيفها آية البقرة السالفة "١١٤"، وآيتي المائدة "٣٣، ٦٤" على أن السعي فيهما بمعنى القصد، ذلكم أن الذين منعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعوا في خرابها، لم يقفوا عند درجة القصد وإنما جاوزوها إلى العمل وزادوا عليه الدأب. وقل مثل ذلك في الذين يسعون في الأرض فسادا؛ فإنهم جاوزوا القصد إلى العمل والدأب عليه فلا يصح أن يجعل هذا معنى للسعي هنا.
ولعل حماسها الشديد لتقرير هذا الأساس في التفسير أوقعها من حيث لا تدري في أنواع ثلاثة من الأخطاء:
أولها- القصور في الاستقراء:
وذلك بأن تنظر في بعض الآيات المشتركة في لفظ واحد وتقرر المعنى على ضوئها ويفوتها أن تنظر في آيات أخرى مشتملة على اللفظ ذاته، ولو أدركت ذلك ونظرت فيه لاختلف الحكم الذي وصلت إليه أولا.
ومن الأمثلة على ذلك أنها في تفسيرها لقوله تعالى: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا

١ التفسير البياني: د/ عائشة عبد الرحمن ج٢ ص١٠٤.


الصفحة التالية
Icon