ج ١، ص : ٢٤٩
والمستقرة فى شعوره، وهذا شعور معاكس تماما لما يشعر به الأوصياء نحو اليتامى من أنهم لن يكبروا أبدا، حتى يظلوا أكبر زمن ممكن تحت أيديهم!! فانظركم أعطت هاتان الكلمتان المباركتان :« وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ » من ثمرات طيبة، وكم تعطيان هكذا أبدا من ثمر طيب مبارك لكل طالب ومريد ؟
وفى قوله تعالى :« وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ » حماية لهذا الشعور الذي أثاره قوله سبحانه :« وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ » وتغذية دائمة له من أن يضعف، إذ يجد الوصي على اليتيم عين اللّه ترقبه، وعلمه يحيط بكل ما يعمل لليتيم الذي فى يده، من خير أو شر، ومن إصلاح لأمره، ليرشد ويستقلّ بشؤنه، أو ليفسد ويظل هكذا تحت يده!.
وفى قوله سبحانه :« وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ » إشارة إلى أن ما قضت به حكمة اللّه من تكاليف فى شريعة الإسلام، هو مما لا إعنات فيه ولا إرهاق، بل هو مما تحتمله النفوس فى متوسط مستوياتها..
فأوامر الشريعة الإسلامية ونواهيها ملتزمة هذا الموقف الوسط، الذي جمع أطراف الناس جميعا، من أقوياء وضعفاء.
ولو أراد اللّه سبحانه وتعالى أن يكلف بما هو فوق احتمال الناس، أو بما يصيبها بالجهد والإعياء لما كان لأحد أن يعترض، ولكان ذلك شريعة ملزمة، يحلّ العقاب بمن خرج عليها، كما فعل اللّه سبحانه وتعالى ذلك باليهود، وذلك من باب الابتلاء والفتنة، التي عافى اللّه سبحانه وتعالى منها هذه الأمة الإسلامية، ورحمها من هذا البلاء.