ج ١، ص : ٢٥٦
أن تكون فى قلب المؤمن بمكانتها المكينة من الإجلال والتعظيم، وأن تصان من كل ما يمسّ هذه المكانة من اهتزاز أو إزعاج!.
وأسماؤه تعالى، لها ما لذاته سبحانه، من هذا الإجلال والتوقير والإعظام، فلا يتلفظ المؤمن باسم من أسمائه جلّ وعلا إلّا فى مقام العبادة والتسبيح، وإلا فى حال الضراعة والابتهال.
فليس بالذي يقدر اللّه حقّ قدره من يتخذ اسم اللّه يمينا يحلف به، ويقدّمه بين يدى كل أمر يعرض له، ويتخذ من جلال الاسم الكريم وعظمته وسيلة يتوسل بها إلى نفاذ ما يحلف عليه إلى مشاعر من يحلف له، فيحترم حرمة اليمين، ويصدقه.
فقوله تعالى :« وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ » أي لا تعرّضوا اسم اللّه تعالى للحلف به فى كل ما يعترضكم من أمور دنياكم، تريدون لها التوثيق والتوكيد.
وقوله سبحانه :« أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ » أي لا تجعلوا اللّه عرضة لأيمانكم ولو كان الحلف من أجل أمر تلتزمون فيه قول الحق، وترعون فيه تقوى اللّه، وتصلحون به بين الناس.. لأن الإكثار من الحلف باللّه مقام الصدق والتقوى والإصلاح بين الناس، يفتح للإنسان الطريق إلى الحلف باللّه فى مجال الكذب والفجور والإفساد بين الناس!.
فالنهى عن الحلف باللّه فى مقام الصدق والتقوى والإصلاح بين الناس، ليس نهيا مطلقا، وإنما هو نهى عن الإكثار واللامبالاة، حيث لا يتحرج المرء من الحلف فى هذا المقام، وهو يلتزم حدود الصدق والتقوى.. فإن هذا الإكثار فى الصدق ـ كما قلنا ـ يفتح الطريق إلى الحلف بالكذب والفجور!.