ج ١٠، ص : ١٠٥
القصص، أو رواية من الروايات.. وهذا يعنى أخيرا أن أنباء القصص القرآنى، ليست هي الواقع ـ كما وقع، أو بعبارة أخرى أنها ليست الصدق كلّ الصدق!! هذا مدخل من المداخل التي رآها بعض الباحثين آذنة لهم بالقول بأن القصص القرآنى ـ شأنه شأن القصص الأدبى ـ لم يقف عند حدود الأحداث الواقعة، بل تصرف فيها على الوجه الذي يقيم منه قصصا « فنيّا!! »..
الأمر الذي جعله يغير من وجوه الواقع، ويخرج به على غير مألوف الحياة، حتى تجد النفس إقبالا عليه، لما فيه من جدّة وغرابة، ولما في الجدّة والغرابة من طرافة!! هكذا يذهب هذا التصور المريض، الذي يقع في نفوس أهل الغفلة عن جلال اللّه وقدرته، يذهب بهؤلاء السّفهاء أن يجعلوا اللّه سبحانه وتعالى، مع الأدباء والقصاصين، على كفتى ميزان، حتى ليضطر الخالق ـ كما يضطر المخلوقون ـ إلى خلط الحق بالباطل، وتزويق الحقيقة بالخيال، وتمويه الواقع بالكذب والاختلاق، حتى يكون له طعم جديد، غير ما اعتاد الناس تذوقه من طعوم الحياة وواقعها!! وما ذا بقي للّه سبحانه وتعالى إذن من تفاوت بينه وبين خلقه ؟
أفتعجز كلمات اللّه عن أن تمسك بالصدق، وتشتمل عليه ؟ ثم أيليق بكلمات اللّه أن تتلبّس بالكذب والاختلاق، وتتزوّق بالخيال وتتجمل به، حتى يكون لها وجه مقبول غير مردود ؟.
يا للسفاهه والضلال، ويا للحمق والجهالة.. بل يا للجرأة على اللّه، والتطاول على من خلق من التراب لسانا ينطق بهذا البهتان العظيم!!