ج ١٠، ص : ١٠٨
لتنتفع بها الدعوة الإسلامية، فى مقام الدعوة إلى اللّه، والتعرّف عليه..
وليس يعنيه ـ فى هذا المقام ـ أن يكون الحدث مدوّيّا صارخا، أو مزلزلا عاتيا، بقدر ما تعنيه الدلالة التي يدلّ عليها، والعظة التي تتكشف للناس منه.
ولا شك أن هذه الأحداث والوقائع التي يقتطعها القرآن الكريم من « شريط » الحياة، هى الصدق الخالص، والحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. يقتطعها القرآن.. زمانا، ومكانا، وأشخاصا، وملابسات.. ثم ينفخ فيها نفخة الحياة، فنبعث من مرقدها، وقد تساقط منها ما جفّ من أوراقها، وما ذبل من أغصانها، وإذا هي ثمر دانى القطوف، نأخذه العين وتشتهيه النفس..
وإذن، فليس تخليص القصص القرآنى من الزوائد والحواشي التي لا تغنى شيئا في تصوير الحدث، وعرضه في معرض الاعتبار والعظة ـ ليس هذا التخليص إلا عملية غربلة وتصفية، غايتها تنقية الحدث من الشوائب، وتخليصه من الغثاء والزّبد، ليصفو مورده، ويسوغ مذاقه للواردين ـ وليس ذلك عن عجز أو غفلة، عن جميع الملابسات التي انصلت بالحدث من جميع جهاته، والتقت به من قريب أو بعيد.
وهذا التصرف الذي كان من صنيع القرآن الكريم، فى عرض الأحداث وفي أخذ بعضها، والإعراض عن بعض ـ هذا التصرف لا يصح أن يكون مسوغا لقائل أن يقول : إن القرآن ـ وقد أباح التصرف على أي وجه من الوجوه ـ قد أدخل في القصص القرآنى ما ليس من صميم الواقع، وأنه غير وبدّل فى معالمه..
فهذه مغالطة سفيهة ـ كما قلنا ـ لأن ما جاء به القصص القرآنى، هو