ج ١٠، ص : ١٣٢
ما تفرق منه على كل لسان، وإذا هو ما حكاه اللّه عنهم في قوله تعالى :« قالوا :
«أَ جِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ » [يونس ] ونلاحظ أن القوم قد أفاقوا شيئا من هذه الضربة، التي فاجأهم بها موسى، فكان لهم قول، لم يأخذوه من لسان فرعون.
وانظر في هذا الإعجاز الذي تتقطع دونه الأعناق.
لقد وزع القرآن هذا المشهد في أربع سور.. فجعل قولة فرعون عن موسى وسحره، فى سورة « الشعراء ».
. ثم أعاد هذه القولة نفسها على لسان الملأ من قومه في سورة « الأعراف ».
. ثم جعل مواجهة فرعون لموسى مهددا متوعدا في سورة « طه ».
. ثم جعل ما ردّده القوم من تهديد فرعون ووعيده، فى سورة « يونس ».
. وذلك حتى لا تتراكم الصّور وتتراكب، وحتى لا يقع التكرار على أية صورة.. لفظية، أو معنوية..
ثم انظر مرة أخرى، فى هذه المقولة :« فَما ذا تَأْمُرُونَ » ؟.
لقد جاءت على لسان « فرعون » يسأل بها « الملأ » حوله في سورة الشعراء، كما جاءت على لسان « الملأ » يسألون بها « فرعون » فى سورة الأعراف.
إنها الكلمة التي كانت تدور على كل لسان في هذا الموقف.. لا يملك أحد غيرها.. يقولها لنفسه، ويقولها لكل من يلقاه :« ما العمل » ؟
ثم يجىء الجواب ممسكا بالاتجاه الغالب الذي يكاد يستقرّ عليه الرأى، وتجتمع عليه الأكثرية :
« قالوا :
« أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ » [٣٦ ـ ٣٧ : الشعراء]