ج ١٠، ص : ٢٢٠
« رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ » (٣٣ : القصص).
وإذن فقد كانت هذه المواجهة لموسى بفعلته، وبمغفرة اللّه له، وبذهاب كل أثر لهذه الحادثة ـ كانت هذه المواجهة من تدبير الحكيم العليم، لانتزاع هذا الخوف، الذي غاصت جذوره في أعماق موسى وخالطت وجوده.
قوله تعالى :« وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ».
وتجربة أخرى، يجريها موسى، بعد تجربة العصا، وهي يده، التي كانت تمسك بهذه العصا.. إن يده هذه نفسها، يمكن أن تكون شيئا آخر، كما كان ذلك شأن العصا.
العصا يلقيها على الأرض.. فإذا هي جانّ، وإذا هي ثعبان مبين، وإذا هى حية تسعى..
ويده.. ماذا يفعل بها ؟
إنه يدخلها في جيبه، أي يدسها في صدره، تحت ثوبه، إذ يدخلها من جيبه ـ أي الفتحة التي يلبس منها الثوب ـ ثم يخرجها، فإذا هي بيضاء بياضا ناصعا، مشرقا، « من غير سوء » أي ليس هذا البياض عن داء كداء البرص مثلا، وإنما هو بياض يشّع نورا، ويتلألأ صفاء.. كما تتلألأ اللائي.
وقدّمت تجربة العصا، على تجربة اليد، لأن العصا ـ مهما كان التحول الذي يحدث لها ـ لا تثير في نفس موسى من رعب ما تثيره يده، وقد تغيرت صفتها على هذه الصورة التي تحولت إليها..
إنه مع العصا، قد استطاع أن يجد لمخاوفه مهربا.. فولى مدبرا، يبتعد