ج ١٠، ص : ٣٠٣
وهي مكة ـ معلم من معالم الحق على هذه الأرض، وأنها أكرم وأعظم ما يشار إليه منسوبا إلى اللّه سبحانه مما على هذه الأرض.. إذ كان فيها أول بيت وضع للناس.. وإذ هي قبلة كل من يؤمن باللّه، لا قبلة لأهل الإيمان غيرها.. وقد أشار القرآن الكريم إشارة أخرى في قوله تعالى : َلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ »
(٣ : قريش).
وقوله تعالى :« الَّذِي حَرَّمَها » ـ الاسم الموصول يعود إلى ربّ البلدة، لا البلدة.
وفي قوله تعالى :« وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ » إضافة لكل موجود في هذا الوجود إلى اللّه سبحانه وتعالى.. فكل شىء هو ملك للّه، لا شريك له فيما ملك.
وقد أضاف اللّه سبحانه، البلدة (مكة) إلى ربوبيته، وأضاف الوجود كله إلى ملكه، وفي هذا تشريف عظيم لهذه البلدة، ورفع لقدرها، وأنها مختصة منه سبحانه بمزيد من الفضل والإحسان، حيث تربى في نعم اللّه، وتستظل بظل ربوبيته.. وإذا كان كل شىء مربوبا للّه، فإن للّه سبحانه ما يشاء من اختصاص بالفضل والإحسان.. « وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ».
(١٠٥ : البقرة) وقوله تعالى :« وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ » ـ إشارة إلى أن الدين الذي بدين به النبي ليس دينا خاصا به وحده، ولا مقصورا عليه وحده، وإنما هو دين كل من يؤمن باللّه.. فهو واحد من المسلمين، وإن كان سيد المسلمين وإمامهم..
وقوله تعالى :« وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ » ـ معطوف على قوله تعالى :« وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ » أي وأمرت أن أتلو القرآن، على الناس وأبلغهم إياه..
هذه هي رسالتى :« فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ».
. أي لا سلطان لى على أحد، وإنما أنا نذير لكم بين يدى عذاب


الصفحة التالية
Icon