ج ١٠، ص : ٣١٩
ويعرض عليه ثديها، فيقبله.. وتصبح الأم في حاشيته فرعون، مرضعا لهذا الوليد..
وفي قوله تعالى :« وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ » ـ إشارة إلى امتناع الطفل عن الرضاعة من مرضع غير أمه.. وفي التعبير عن هذا بالتحريم، تأكيد لهذا الامتناع، كما يمتنع المؤمن عن تناول ما حرم اللّه..
وفي قوله تعالى :« مِنْ قَبْلُ » إشارة إلى هذا التدبير الذي كان من إلهام اللّه سبحانه وتعالى أمّ موسى، بإرضاع وليدها.. فهو بهذه الرضاعة قد عاف كل لبن غير لبن أمه..
قوله تعالى :« فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ».
وتنتهى الأحداث بهذا إلى موقف من مواقف الحدث الكبير.. فيعود الطفل إلى أمه، ويتحقق ما وعدها اللّه سبحانه وتعالى به قوله :« إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ » وبهذا تعلم أن وعد اللّه حق.. وكثير من الناس لا يعلمون هذا، ولا يقدرون اللّه حق قدره..
قوله تعالى :« وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ».
وهذا تحقيق للجانب الآخر من وعد اللّه، وهوقوله تعالى :« وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ » وإذا كان هذا الموعد لم يكن قد تحقق، والأحداث لا تزال جارية إلى غاياتها، فإنه قد تحق، بعد أن بلغت الأحداث الغاية المنطقة إليها، كما يعلم ذلك من عاصروا نضج الأحداث، كما علمها من جاء بعدهم..