ج ١٠، ص : ٣٢٢
وما أغرب تصاريف القدر.. ينجو موسى من القتل.. ثم ها هو ذا يمد يده بالقتل! ومن يدرى ؟ فلعل هذا القتيل كان هو الذي انتشل موسى من اليم!! قوله تعالى :« وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها ».
. اختلف المفسرون في هذه المدينة، ما هي بين مدن مصر القديمة ؟ على أن هذا الخلاف لا يعنينا، وحسبنا أنها مدينة فرعونية، وفي تعريفها، إشارة إلى أنها مدينة المدن، أي العاصمة..
أما كيف دخلها موسى.. وهل كان خارجها حتى يدخلها ؟ وإذن فأين كان ؟ هل كان قد ترك فرعون، وعاش بعيدا عن عاصمة ملكه ؟ قد يكون! كما قد يحتمل أن فرعون كان يعيش في قصره، بعيدا عن المدينة، منعزلا به عن عامة الناس! وعلى أيّ فإن « موسى » قد دخل المدينة دخول من كان بعيدا عنها فترة من الزمن..
وهنا سؤال : لما ذا يدخل موسى المدينة في غفلة من أهلها ؟ هل كان هناك ما يحول بينه وبين دخولها ؟ وهل كان مطلوبا لفرعون أو غيره لجناية جناها ؟
يذهب المفسرون في هذا مذاهب شتى، ويلقون بكل ما يمكن أن يفترضه العقل في طلب علة لهذا الدخول المتخفى، تحت غفلة الأعين عنه..
والرأى عندنا ـ واللّه أعلم ـ أن المراد بغفلة أهل المدينة، هو غفلتهم عن موسى، وعن أنه الابن المتبنى لفرعون.. ولعله كان متخفيا ليدارى صفته تلك، حتى لا يلفت إليه الأنظار، التي تتعلق دائما، بالسلطان، وبحاشية السلطان!