ج ١٠، ص : ٣٥٩
قوله تعالى :« فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ».
الاستجابة هنا مرادة لأمرين : أن يأتى المشركون بكتاب من عند اللّه، هو أهدى من الكتابين المنزلين من اللّه، فيتبعهم النبيّ، أو أن يظهر عجزهم، فيؤمنوا بهذا الكتاب الذي يتلوه الرسول عليهم، ويدخلوا في دين اللّه..
فإن لم يستجيبوا، ولم يؤمنوا باللّه وبرسوله، وبكتاب اللّه، فليس لهم وجهة إلا أن يضلّوا، ويتبعوا أهواءهم الفاسدة.. فليعلم الرسول هذا، وليقم موقفه منهم على هذا التقدير.
ـ وقوله تعالى :« وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ » هو تأكيد لضلال هؤلاء المشركين، وأنهم إنما ينقادون لأهوائهم، انقياد الكلب لصاحبه.. وأهواؤهم ضالة فاسدة، لا تقود إلا إلى ضلال وفساد! والاستفهام هنا بمعنى النفي.. والتقدير : أنه لا أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من اللّه والسؤال هنا : ما السرّ في تقييد الهوى المضلّ بهذا الوصف، وهو أنه بغير هدى من اللّه ؟ وهل يكون هناك هوى معه هدى من اللّه ؟
والجواب على هذا ـ واللّه أعلم ـ أن الهوى مضلّة أبدا، وأن الإنسان حيث يتبع هواه، فهو على ضلال، كما يقول سبحانه في ذمّ المشركين :« إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ » (٢٣ : النجم).
وكما يقول سبحانه :« أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ » (١٤ : محمد).