ج ١٠، ص : ٤٢٦
فالمؤمن باللّه إيمانا حقّا، فى هجرة إلى اللّه دائما، ما دام قائما على طريق الحق، والخير.. يهجر كل منكر، ويجتنب كل فاحشة، وفي الحديث :
« المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى اللّه عنه.. »
وقد كانت هجرة « لوط » إلى ربه هجرة مباركة، إذ التقى على طريقه إلى اللّه، بالنبوّة، فكان من المصطفين الأخيار من عباد اللّه المكرمين.
قوله تعالى :« وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ».
هو معطوف على قوله تعالى :« فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ».
. وهو تتمة لقصة إبراهيم، وفي عطف هبة اللّه سبحانه تعالى لإبراهيم إسحق ويعقوب ـ على إيمان لوط له ـ إشارة إلى أن إيمان لوط لإبراهيم واستجابته له، هو من كسب إبراهيم، ومن النعم الجليلة التي أنعم اللّه بها عليه. كما أنعم عليه بالولد بعد الكبر..
وفي تأخير الإنعام بالولد، على إيمان « لوط » مراعاة للترتيب الزمنى من جهة، إذ كان إيمان لوط واستجابته لإبراهيم أسبق زمنا من البشرى بإسحاق..
ثم هو من جهة أخرى جزاء حسن، على هذا الفعل الحسن الذي كان من نتاجه ميلاد لوط في الإسلام، بدعوة إبراهيم.. فقد ولد إبراهيم للّه ولدا، هو « لوط ».
. فأخرج اللّه من صلب إبراهيم ولدا في الإسلام! وهذا ما يشير إليه ـ قوله تعالى :« وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا ».
. فهذا الولد هو بعض أجره في الدنيا.
ـ وفي قوله تعالى :« وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ » ـ إشارة إلى حصر النبوّة في ذرّية إبراهيم، من بعده، بمعنى أن الأنبياء الذي استقبلتهم الحياة من بعد إبراهيم كانوا جميعا من ذريته.. أما الأنبياء الذين سبقوه فكانوا من ذرية نوح، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى :« وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ