ج ١٠، ص : ٧٤
« يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً » (١٥٨ : الأنعام).
قوله تعالى :«أَ وَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ».
أي أعمى هؤلاء المشركون عن أن ينظروا إلى هذه الأرض الميتة، كيف ينزل اللّه سبحانه وتعالى عليها الماء من السماء، فتحيا، وتهتزّ، وتربو، وتنبت من كل زوج بهيج وإذا كانت عقولهم قد عميت عن أن ترى ما في آيات اللّه وكلماته من هدى ونور، أفعميت أبصارهم عن أن ترى هذه الظاهرة الحية، التي تطلع عليهم في كل أفق من آفاق الأرض ؟ فإذا كانوا قد عموا عن هذا الواقع المحسوس، فإنهم أشد عمى من أن يروا شيئا من آيات اللّه، وكلمات اللّه! قوله تعالى :« إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ »..
إن في هذه الظاهرة لآية مبصرة، يرى فيها أصحاب النظر والعقل من الناس، آثار رحمة اللّه، وقدرته، وحكمته.. ولكن أكثر الناس لا يلتفتون إليها، وإن التفتوا لا يروا شيئا، وإن رأوا شيئا أنكروه، وتأوّلوه تأويلا فاسدا. وهذا هو شأن هؤلاء العتاة المتكبرين المشركين..
قوله تعالى :« وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ »..
وإن هؤلاء الذين لا يؤمنون باللّه، ولا ينقادون لسلطانه، لن يعجزوا اللّه، ولن يخرجوا من سلطانه.. فهم في قبضته، لأنه هو العزيز، الذي لا يغلب،