ج ١٠، ص : ٨٠
وهذه غمزة أخرى، يغمز بها موسى فرعون، وأنه إنما تلقى الخير من السماء حين فارق هذا الجوّ المظلم الفاسد، ولو بقي فيه لما أصاب خيرا أبدا، ولما كان له هذا السلطان..
وبهذا السلطان الذي وضعه اللّه في يد موسى على بني إسرائيل، أقبل على فرعون، يحاسبه على هذا الجرم الشنيع الذي أجرمه في حقّ هذه الجماعة، التي أصبح ليد موسى أمرها.. لقد استعبدهم فرعون وأذلهم، وأن موسى إذا كان قد قتل واحدا من رعايا فرعون، فإن فرعون قد قتل معالم الإنسانية، فى هذه الجماعة، وأحالها إلى قطيع من الحيوان، الذليل المهين!! إن موسى قتل نفسا خطأ من غير قصد.. أما فرعون فقد قتل نفوسا لا حصر لها، عن عمد وإصرار!!.
فإذا كان هناك من يحاسب ويدان، فهو فرعون.. وليس موسى!.
وهكذا يتحول الموقف، ويصبح الطالب مطلوبا، والمدّعى متّهما..!
وسنرى بقية المشهد في الآيات التالية..
الآيات :(٢٣ ـ ٣٧) [سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٣ إلى ٣٧]
قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧)
قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨) قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠) قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (٣٢)
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣) قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ (٣٥) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧)