ج ١٠، ص : ٨٣
وماذا يصنع موسى، فى مواجهة هذا السلطان الغشوم ؟ إن لفرعون أن يسجنه، وأن يقتله.. إنه لا يعترض على هذا، ولكن كلمة أخيرة، يريد موسى أن يستمع إليها فرعون، ثم ليفعل ما يشاء..
« قالَ : أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ؟ » ـ أي أتنفّذ فيّ هذا الحكم، ولو كان معى شىء مبين، وحجة واضحة على هذه الأقوال التي استمعت إليها، وأنكرتها ؟
وهنا يسيل لعاب فرعون إلى هذا السلطان العظيم الذي بين يدى موسى، وهو يخفيه عنه.. فما هو هذا السلطان ؟ وكيف يكون مع موسى سلطان وفي يد فرعون كل سلطان ؟ أين هو ؟ لا بد أن يستولى عليه، ويضيفه إلى سلطانه..!!
وفي لهفة، وحزم، وقوة.. يقول فرعون..
« فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ! ».
ولا يقول موسى كلمة.. بل يضرب ضربته في غير تراخ أو تردد..
« فَأَلْقى عَصاهُ.. فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ.. »
« وَنَزَعَ يَدَهُ.. فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ.. »
ولا تعرض القصة هنا لما كان من فرعون، وما لبسه من اضطراب وفزع..
فذلك أمر معلوم، فى مثل هذه الأحوال.. وليس فرعون بدعا من الناس، فيما يطلع عليهم من عالم المجهول.
ويظهر أثر هذا الفزع الذي استولى على فرعون، فى استنجاده بمن حوله، وتعلّقه بهم قبل أن يهوى من هول المفاجأة.. فيشركهم معه في هذه المعركة، بل ويجعل إليهم لا إليه ـ الرأى فيها، وهو الذي كان يتولى كلّ شىء، ويأمر بما يرى.. أما هنا فإنه صاغر ذليل، يطلب الرأى، وينتظر الأمر، ليفعل ما يؤمر به..