ج ١٠، ص : ٨٥
فهاهم أولاء السحرة قد جئ بهم من كل مكان، وقد أنذروا بالسّحر الذي سيلقونه وبالساحر الذي سيرميهم بسحره، وباليوم المعلوم الذي تلتحم فيه المعركة :
« فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ».
ثم هاهم أولاء دعاة فرعون، ينطلقون بين الناس، يغرونهم بالاحتشاد لهذا اليوم، وبشهود تلك المعركة.. بين السحرة، وبين الساحر..
وهذا الحشد للناس.. غايته، هو شدّ ظهر هؤلاء السّحرة، وإلقاء الرعب في قلب موسى بهذه الحشود التي تتربص به، وتنتظر الهزيمة له، لتسخر منه أو تفتك به.
« وَقِيلَ لِلنَّاسِ : هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ، لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ » !.
ثم ها هم أولاء السحرة، يلتقّون بفرعون قبل المعركة، ليتلقّوا كلمته، وليعرضوا بين يديه ما معهم من أسلحة قد أعدوها للقاء هذا الساحر.. ثم إذ ينتهى هذا العرض، يعرضون على فرعون مطلبا خاصّا بهم، وهو الجزاء الذي سيجزيهم به فرعون إذا هم جاءوا له بالنصر المبين..
« قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ ».
. ولا يتردد فرعون في بذل الجزاء الحسن لهم.. إنه ليس جزاء ماديّا وحسب، بل إنهم سيكونون من خاصة فرعون، ومن المقربين عنده « قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ » وينتهى هذا المشهد، ليخلى مكانه لمشهد آخر.. تعرضه الآيات الآتية :
الآيات :(٤٣ ـ ٥١) [سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٤٣ إلى ٥١]
قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧)
رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩) قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١)


الصفحة التالية
Icon