ج ١١، ص : ٥٢٠
ثم إن الاستجابة، إذا وقعت لا تقع على حسب تقدير الإنسان لحدود زمانها، ولا للصورة التي تقع عليه.. فذلك أيضا، مرهون بتقدير اللّه، وعلمه، وحكمته.. وهذا مما يبتلى به العباد.. فالمؤمنون يدعون اللّه تضرعا وخفية، ولا ييأسون من روح اللّه ورحمته أبدا.. حتى أنه إذا لم يستجب لهم، ووقع ما يكرهون، أصبح هذا المكروه عندهم محبوبا مستساغا، لأنه من عند اللّه، وبتقدير اللّه، وبإرادته فيهم.. أما الذين لا يؤمنون باللّه، فلا يزيدهم ذلك إلا كفرا باللّه، وبعدا عنه..
ـ وفي قوله تعالى :« إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ » ـ « إذا » هنا فجائية، وهى ذات دلالتين :
أولاهما : مبادرة المشركين والضالين، وإسراعهم إلى ما كانوا عليه من شرك وضلال :
وثانيتهما : أن ذلك خروج على غير المنتظر، من قوم كانوا إلى لحظات قليلة يتجهون إلى اللّه، ثم إذا هم يحولون وجوههم عنه، لا لسبب، إلا ما ساق إليهم اللّه من خير، وما مسهم به من رحمة!! وهذا أمر يثير العجب، والدهش والاستغراب.. أفهكذا يقابل الإحسان، ويستقبل الفضل ؟ ولكن متى كان للعمى أن يبصروا، وللصم أن يسمعوا ؟
وفي قوله تعالى :« مِنْهُمْ » أي من الناس، والمراد بالفريق، المشركون الضالون.
وفي إضافة المشركين إلى « ربهم » ـ إشارة إلى فداحة هذا الظلم، الذي ركبه هؤلاء المشركون، فجحدوا نعمة ربهم، الذي استجاب لهم، ودفع البلاء عنهم!.


الصفحة التالية
Icon