ج ١١، ص : ٥٢٢
قوله تعالى :«وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ ».
الناس هنا، هم مطلق الناس.. فإن من شأن الإنسان من حيث هو إنسان، إذا أذاقه اللّه من رحمته، وأفاض عليه من نعمه.. فرح، ورضى.. وإن أصابه سوء تكرّه، وساء ظنّه، وطاف به طائف اليأس والقنوط! « إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ » (١٩ ـ ٢٣ المعارج) والناس في هذا درجات متفاوتة.. فالمؤمنون، على حال غير حال المشركين والكافرين..
ثم إن المؤمنين ليسوا على حال واحدة.. بل هم درجات.. والدرجة التي يتحقق بها إيمان المؤمن على صورة سويّة محمودة، هى ألا يستبدّ به الفرح إذا لبسته نعمة، وألا يدخل عليه اليأس والقنوط من رحمة اللّه إذا مسّه ضرّ، وأصابه سوء.. فهو على رجاء أبدا من رحمة اللّه، وإنه ـ وهو في البلاء ـ ليستسيغ طعمه، وينزله منزل الرضا والتسليم من نفسه.. مفوضا أمره إلى اللّه، راضيا بما قسم اللّه له..
قوله تعالى :« أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ».
الرؤية هنا بصرية، وعلمية معا.. أي أنها رؤية بالنظر في وجوه الحياة وفي أحوال الناس، ومن هذه الرؤية يجىء العلم الذي يرى منه المبصرون أن