ج ١١، ص : ٥٣٢
وقليل منهم من آمنوا باللّه، واستجابوا لرسل اللّه، كقوم نوح، الذين يقول اللّه فيهم :« وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ » (٤٠ : هود) وكقوم إبراهيم، الذي لم يؤمن من قومه إلا نفر قليل، منهم لوط.. وهكذا كان شأن قوم عاد، وصالح، وشعيب، ولوط.. وفي كل مرة، يهلك اللّه الضالين المكذبين، وينجّى النفر القليل من المؤمنين..
قوله تعالى :« فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ».
هو التفات إلى النبي الكريم، وإلى أن يلتفت إلى نفسه، وإلى المؤمنين معه، وألا يشغله أمر هؤلاء المشركين عن طلب النجاة لنفسه، ولمن معه، بالإقبال على اللّه، وإخلاص العمل له، وذلك ليكون مستعدا للقاء ربه على ما يرضى ربه، من قبل أن يجىء يوم الجزاء والحساب، وهو يوم لا مردّ له من اللّه، أي لا يملك أحد ردّ هذا اليوم، أو تأخيره عن وقته الموقوت له..
والدين القيم، هو الإسلام، الذي هو أصل كل دين سماوى، ومنبع كل شريعة إلهية، وبهذا كانت له القوامة على كل دين، والهيمنة على كل شريعة، وعلى كل كتاب..
وقوله تعالى :« يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ » أي في هذا اليوم، وهو يوم الجزاء والحساب، يتصدع الناس، وتتفرق جماعاتهم، فلا يلتفت أحد منهم إلى أحد..
قوله تعالى :« مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ».
هو تعقيب على قوله تعالى :« فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ ».
. فمن أقام وجهه


الصفحة التالية
Icon