ج ١١، ص : ٥٦٠
وعلى حين يسمع هذا الضال ما سمع.. مكرها ـ من هذا النذير الذي أمسك به، وفتح أذنيه، فإنه يسمع ـ مكرها أيضا، وما زالت أذناه مفتوحتين ـ هذه البشرى المسعدة حقا، ولكنها ليست له، وإنما هى لأعدائه، الذين يسوءه أن ينالهم خير.. فهؤلاء الأعداء، هم المؤمنون، وقد أعدّ اللّه لهم جنات النعيم، خالدين فيها.. وذلك ما وعدهم اللّه به، وهو وعد حق، لا يتخلف أبدا، لأنه من اللّه العزيز، الذي يعنو لعزته كل شىء، الحكيم الذي يقوم أمره على الحكمة، فلا إفراط، ولا تفريط..
و« وعد » منصوب بفعل مقدر، تقديره : وعد اللّه وعدا حقا.. وقد جاء النظم القرآنى على تلك الصورة الموجزة المعجزة، فحذف الفعل، وأقيم المصدر مقامه، وأضيف إلى فاعل الفعل.
قوله تعالى :« خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ».
فاللّه العزيز الحكيم، الذي وعد عباده المؤمنين جنات النعيم، لن يخلف وعده، لأنه ذو السلطان الذي يقوم على كل شىء، وأنه لن يعجزه شىء حتى يخلف ما وعد به.. وإن من دلائل عزّته، ونفوذ سلطانه، أنه خلق السموات، وأقامها بغير عمد، وهذا أبلغ في الدلالة على القوة والعزة، والسلطان.
وقوله تعالى :« تَرَوْنَها » يمكن أن يكون حالا من السموات.. كما يمكن أن يكون في محل جر صفة لعمد، أي بغير عمد مرئية لنا، ويكون المراد بالعمد، الأسباب التي أقام اللّه بها السماء، والتي تقوم مقام العمد في تقديرنا.
وقوله تعالى :« وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ».
. الرواسي