ج ١١، ص : ٥٦٢
هذا النبات ؟ لم يكن ثمّة إلا جواب واحد، هو اللّه ذو الحول والطول، الذي خلق السموات والأرض.
فإنزال الماء من السماء، وإنبات النبات من الأرض، شاهد قريب حاضر، على وجود اللّه وقدرته، يستدل به على شاهد بعيد أشبه بالغائب، هو خلق السموات والأرض.. فناسب ذلك أن يكون ضمير الغيبة مع خلق السموات والأرض، وأن يكون ضمير الحضور مع إنزال الماء وإنبات النبات..
وقوله تعالى :« فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ » الضمير في « فيها » يعود إلى الأرض، وفي التعبير عما تخرج الأرض من ثمرات، بالزوج الكريم ـ إشارة إلى أن كل ما يجىء من ثمرات طيبة كريمة، هو نتيجة لمزواجة بين ذكور النبات وإناثه، كما يتزاوج الناس، والحيوان.. وإن أي ثمر لا يتولد عن لقاح بين الذكر والأنثى، هو ثمر خسيس ردىء، كما تتوالد بعض الحيوانات الدنيا بانقسام الخلية.
قوله تعالى :« هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ».
الإشارة هنا، إلى ما عرضته الآية السابقة، من آيات صنع اللّه، وآثار رحمته..
والخطاب المشركين، الذين يعبدون غير اللّه..
وفي هذا الخطاب، استدعاء للمشركين، أن ينظروا إلى هذا الوجود، الذي قام بقدرة اللّه، ثم لينظروا ما لمعبوداتهم من خلق.. وهنا يسقط في أيديهم حيث لا يجدون لمبعوداتهم أثرا.. بل إنهم ليجدون معبوداتهم بعضا من خلق اللّه.. ثم إنهم مع هذا لا يزالون متعلقين، بمعبوداتهم تلك، مقيمين وجوههم إليها


الصفحة التالية
Icon