ج ١١، ص : ٥٦٦
هو معطوف على قوله تعالى :« أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ».
. فإن قوله تعالى :« أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ » يفهم منه أنه شكر للّه، بما آتاه اللّه من حكمة، فكان بهذه الحكمة من المؤمنين باللّه، الشاكرين له، وهو إذ كان حكيما إذ آمن باللّه وشكر له، فإنه كان حكيما كذلك إذ نفع بهذه الحكمة أقرب الناس إليه، وآثرهم عنده، وهو ابنه، فدعا ابنه إلى الإيمان باللّه، وإلى إخلاء قلبه من الشرك، حتى يلحق بأبيه، ويكون من الشاكرين للّه، ثم حذّره مغبة الشرك، وما يقع على الإنسان منه من ظلم عظيم، إذ يصيبه في مقاتله، ويورده موارد الهالكين..
قوله تعالى :« وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ».
جاءت هاتان الآيتان معترضتين وصية لقمان لابنه، وذلك لتكتمل بها الحكمة، التي كان من أولى ثمراتها وأطيبها، شكر الخالق المنعم، ثم تكون الثمرة الثانية، وهى شكر الوالدين، وذلك ببرهما، والإحسان إليهما إذ كان لهما على الولد فضل الولادة، والتربية، والرعاية، ومن حق كل ذى فضل أن يشكر ويحمد ممن أحسن إليه.. وفي المأثور :« لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس »..
ووصاة اللّه للإنسان بوالديه، هى أمر، وعزيمة، وتكليف، إذ كثيرا ما ينكر الإنسان هذا الحق الذي لوالديه عليه، كما أن كثيرا من الناس يكفر باللّه، ويجحد إحسان اللّه إليه، وفضله عليه..


الصفحة التالية
Icon