ج ١١، ص : ٥٧٠
وذلك الخلاف حول الإيمان والشرك، فيمايدور بين الابن وأبويه، وإحالة لهذا الخلاف إلى اللّه سبحانه وتعالى، ليحكم فيه، ويجزى كلّا بما عمل.
قوله تعالى :« يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ، أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ».
المثقال : ما يوزن به.. وحبة الخردل : بذرة نبات الخردل..
عادت الآيات، لتصل ما انقطع من عظة لقمان لابنه.. وقد حذرته الآية السابقة من أعظم خطر يتهدد الإنسان، ويقضى عليه، وهو الشرك باللّه.
وفي هذه الآية، يكشف لقمان لابنه عن علم اللّه، وبسطة سلطانه، حتى يعبده عن علم به، ومعرفة بما ينبغى له من كمال وجلال.
فاللّه سبحانه، الذي يستحق أن يعبد، وأن يفرد بالعبادة، هو المالك لهذا الوجود، العالم بكل صغيرة وكبيرة فيه. حتى الحبة من الخردل، وهى من الصغر بحيث لا تكاد تمسك بها الأصابع.. هذه الحبة، إن تكن في أي مكان فى هذا الوجود.. إن تكن في صخرة، أىّ صخرة من صخور الأرض، أو تكن في السموات التي لا حدود لها، أو تكن في الأرض، على أي عمق منها، وفي أي مكان فيها ـ هذه الحبة الضالة الغارقة في بحر هذا الوجود، يأتى بها اللّه، ويخرجها من هذه الأعماق السحيقة في أحشاء الكون.. « إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ » ينفذ نور لطفه إلى كل شىء، « خبير » متمكن من كل شىء، ويعلم كل شىء علما كاشفا..
قوله تعالى :« يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ».