ج ١١، ص : ٥٩٢
قوله تعالى :« وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ».
هو تعقيب على قوله تعالى في الآية السابقة :« إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ »..
والآية هنا تعرض حالا من أحوال الناس، وخاصة أولئك الذين لم يتصفوا بهذا الوصف الذي أشار إليه قوله تعالى :« إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ».
. أي إذا مسهم الضر دعوا اللّه مخلصين له الدين، يوجّهون وجوههم إليه وحده، يطلبون الخلاص والسلامة، فإذا استجاب اللّه لهم، ونجاهم مما هم فيه، لم يكونوا على حال واحدة، بل كانوا فريقين، فريق منهم « مقتصد » أي غير مسرف على نفسه في الكفر بنعمة اللّه، والجحود لفضله، وفريق آخر، كافر، جاحد، مسرف في كفره، وجحوده..
ـ وفي قوله تعالى :« وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ » مقابلة لقوله تعالى :« إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ».
. فالصبار الشكور، هو المؤمن الذي يصبر على البلاء، ويشكر على العافية، و« الختار الكفور » هو الكافر، الذي يلجأ إلى اللّه في ساعة الشدة، وينكره ويكفر به في أوقات العافية..
والختّار : المخادع، الذي يمكر بآيات اللّه، فلا يعرف اللّه إلا وقت المحنة والضيق..
قوله تعالى :« يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ


الصفحة التالية
Icon