ج ١١، ص : ٦٠٠
الصفة للكتاب، بمعنى أن الكتاب الذي نزل من عند اللّه، « لا رَيْبَ فِيهِ ».
أي ليس فيه موضع لريبة أو شكّ، لأنه الحق الذي لا شبهة فيه.. ويجوز أن يكون معنى « لا ريب فيه » نفى الريب والشك عن نزوله من اللّه، أي لا ريب فى أنه نزل من عند اللّه.
ـ وقوله تعالى :« مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ » متعلق بقوله تعالى :« تَنْزِيلُ » أي أن ذلك الكتاب منزل من رب العالمين.. وكفى بإضافته إلى اللّه سبحانه وتعالى، جلالا وشرفا لهذا الكتاب.. وفي إضافته إلى « رب العالمين » إشارة إلى ما يحمل إلى الناس جميعا من فضل ربهم وإحسانه إليهم، فهو ـ سبحانه ـ الرب، وهم المربوبون له، المنشّئون في ظل رعايته..
قوله تعالى :« أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ.. بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ».
الضمير في « يقولون » يعود إلى المشركين، وهم وإن لم يجر لهم ذكر، مذكورون في هذا المقام، الذي لا يرى فيه غير أهل الشرك والضلال والعناد، الذين ينكرون الحق، ويمارون فيه..
ـ وفي قوله تعالى :« افْتَراهُ » عدول من الخطاب إلى الغيبة، وهذا على غير ما يقتضيه النظم، إذ كان قوله تعالى :« تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ » خطابا للنبى، لأن القرآن كله خطاب من ربه إليه، ثم ما جاء بعد ذلك فى قوله تعالى :« لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ » يقضى بأن يكون مقام النبي هنا مقام حضور، لا مقام غيبة..
والسؤال هنا : ما سر هذا الاختلاف في النظم ؟ ولم خوطب النبي ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ خطاب غيبة في قوله تعالى :« أَمْ يَقُولُونَ